ماهية المنظمات الدولية الإقليمية

2

ماهية المنظمات الدولية الإقليمية

أشار ميثاق الأمم المتحدة إلى أن النظام الأمثل الذي يحقق السلام هو السماح بإحداث تنظيمات إقليمية أو وكالات إقليمية تعالج الأمور الخاصة بحفظ السلم و الأمن الدوليين ما دام نشاطها يتلاءم مع مقاصد الأمم المتحدة و مبادئها.
تعتبر هذه المنظمات وسيلة للتقارب و التعاون بين الشعوب و الدول التي تقع في منطقة جغرافية واحدة ، و تجمعها مصالح مشتركة ،أو تجمعها وحدة الأصل أو اللغة أو الدين . كما تعتبر ظاهرة المنظمات الإقليمية إحدى خصائص المجتمع الدولي المعاصر.وقد ثار خلاف بين اتجاهين الأول يعارض فكرة التنظيم الإقليمي باعتباره يمثل خطرا يهدد المجتمع الدولي بالانقسامات و التكتلات و الحروب ، كما يؤدي إلى تمزيق الجهود الرامية إلى تحقيق الأهداف العالمية .أما الاتجاه الثاني المؤيد لفكرة التنظيم الإقليمي فيستند إلى حجج من بينها :
·         إن وجود التنظيم الإقليمي ضروري في توطيد العلاقات و تدعيم التضامن بين الدول ذات المصالح المشتركة إقليميا .
·         اعتبار المنظمات الإقليمية و سيلة للتخفيف من أعباء المنظمات العالمية من الناحيتين المالية و الفنية
·         دور هذه المنظمات الفعال في تسو ية المنازعات بين الدول الأعضاء فيها .حيث تلعب دور البديل للأمم المتحدة في حل المشاكل الإقليمية ، باعتبارها الأفضل في فهم هذه المشاكل و طبيعة النزاعات
ونظرا للدور الهام الذي يمكن أن تقوم به المنظمات الإقليمية في إقرار السلام و المحافظة على الأمن و في المناطق التي توجد فيها ، أولاها واضعوا ميثاق منظمة الأمم المتحدة نصيبا من اهتمامهم فافردوا لها في الميثاق المذكور فصلا خاصا – الفصل الثامن – جاء فيه انه '': يل س في هذا الميثاق ما يحول دون قيام منظمات أو وكالات إقليمية تعالج من الأمور المتعلقة بحفظ السلم و الأمن الدولي ما يكون العمل الإقليمي صالحا فيها و مناسبا... بطريق هذه المنظمات الإقليمية 1
و لدراسة المنظمات الإقليمية سوف نتطرق الى مفهومها في المبحث الأول و إلى خصائص المنظمات الإقليمية في المبحث الثاني، ونتناول في المبحث الثالث علاقتها بمنظمة الأمم المتحدة

المبحث الأول : مفهوم المنظمات الدولية الإقليمية

يعتبر هذا المفهوم من المفاهيم النظرية التي لا تتخذ معيارا واحدا في تعريفها ، و إن كان هناك اتفاق على أن المنظمة الإقليمية هي هيئة دائمة تتمتع بالشخصية القانونية . و من اجل تحديد مفهوم المنظمات الدولية الإقليمية وجب الرجوع إلى الأحكام الواردة في ميثاق الأمم المتحدة من جهة ، ثم الأحكام الخاصة بالمنظمات الإقليمية لا سيما الواردة في مواثيقها الأساسية من جهة أخرى ، و التي يمكن من خلالها استخلاص تعريف المنظمات الإقليمية و الخصائص التي تتميزها، و على هذا الأساس سوف نتناو ل في المطلب الاول مفهوم الإقليم و الإقليمية ثم نقوم بتعريف المنظمات الإقليمية في المطلب الثاني و نخصص المطلب الثالث لأنواع المنظمات الإقليمية
   1انظر المواد من 52 إلى 54 من ميثاق منظمة الأمم المتحدة

المطلب الاول: مفهوم الإقليم و الإقليمية

من الضروري التعرف على معنى الإقليم و الإقليمية ، قبل محاولة تحديد ما هو المقصود بالمنظمات الإقليمية ، بخاصة ان المفاهيم النظرية تستند الى أكثر من معيار لتحديد مفهوم الإقليم، فبالنسبة لمفهوم الإقليم ، نجد من الناحية اللغوية يعني رقعة الأرض التي يقطنها شعب الدولة ، و لكن في المقابل نلاحظ انه قد جرى العرف على استعماله بمعنى اصطلاحي أوسع من مدلوله اللغوي لذا فقد تعددت معاني الإقليم وفقا لتطورها التاريخي من جانب ، ووفقا لطرق استخدام الإقليم من جانب أخر، ففي الأصل لم يكن الإقليم سوى قطعة من اليابسة يستقر عليها شعب معين الى جانب كونه مصدرا للثروات و القوة ، كما ان أهمية الإقليم لم تقتصر على العنصرين السابقينقاعدة استقرار الشعب و مصدر للثروات – اذ يلاحظ اليوم ان الأقاليم الصحراوية الجرداء تتمتع بأهمية كبيرة على الرغم من أا غير مأهولة بالسكان ، نظرا لتعدد أشكال الاستفادة منها و بخاصة من الناحية الإستراتيجية .
كذلك فكرة الإقليم مرتبطة بتنظيم و توسيع السلطة السياسية ، و يبدو ذلك بوضوح في ظل النظام الإقطاعي )1 )حيث كانت علاقة الإنسان بالأرض هي التي تحدد توزيع السلطة داخل الدولة، و في العصر الحديث يلاحظ ان ظاهرتي الاستعمار و الاتحاد قد تسببتا في ظهور نظريات جديدة في طبيعة الإقليم ، فنجد ان الدولة الاستعمارية تفرق في المعاملة بين مواطنيها من جانب ، و سكان مستعمراا من جانب أخر ، فقد أصبح إقليم الدولة الاستعمارية يعتبر عنصرا أساسيا من عناصر كيان الدولة ، في حين ان أقاليم المستعمرات لا تقوم ذه الوظيفة بصفة أساسية ، و يظهر هذا الاختلاف على سبيل المثال في مجال تنفيذ المعاهدات الدولية .
: 1د. علي صادق أبو هيف ، القانون الدولي العام ، ( بدون طبعة ) ، منشأة المعارف بالإسكندرية ، القاهرة ، ( بدون سنة )، ص .30
إضافة الى ذلك ، ما أفرزته ظاهرة الاتحاد بين الوحدات السياسية من تجديد في تحديد الطبيعة القانونية للإقليم ، و يستند هذا التجديد الى ضرورة تبرير ازدواجية السلطة في الدولة الاتحادية ، فكيف يمكن اعتبار رقعة معينة من الأرض جزءا من إقليم الدولة العضو في الاتحاد ، حيث تعتبر جزءا من إقليم الدولة الاتحادية ذاا ، فإذا أخذنا بنظرية الملكية التقليدية و التي تقرر ملكية الدولة لإقليمها فانه يتعذر تفسير ظاهرة ازدواج السلطة في الدولة الاتحادية ، فالإقليم هنا يبدوا و كأنه اطار جغرافي لممارسة اختصاصات يحددها القانون ، علاوة على ذلك فان ظاهرة الاتحاد لا تقتصر على تكوين دول اتحادية و لكن تمتد لتشمل اتحادات اقتصادية ترتكز على قاعدة إقليمية ، و ان كانت في هذه الحالة يطلق عليها اصطلاح المناطق مثل المناطق النقدية و التجارية ، و بالتالي يكون مفهوم الإقليم هنا مقتصرا على أنماط معينة من المبادلات و المعاملات النقدية و التجارية
لذا برز ما يسمى بالإقليمية الجديدة لتوصيف تلك الموجة التي بدأت منذ منتصف الثمانينات من علاقات و تنظيمات التكامل الاقتصادي و التجاري الإقليمي ، و يستند هذا المفهوم الى نموذجين الاول هو التكتل التجاري الإقليمي القائم على فرصة تيسير العلاقات التجارية بين الدول الأعضاء و بدرجات تميزها عن العلاقات التجارية بين الدول غير الأعضاء ، و لهذا النموذج مستويات متعددة أدناها المناطق التجارية الحرة و أعلاها الاتحاد الاقتصادي ، مثال ذلك منظمة الكوميسا ، و السوق المشتركة لأمريكا الوسطى و منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية و غيرها ، أما النموذج الثاني فهو قائم على أساس التخصص و تقسيم العمل ، مثال ذلك مثلث النمو الإقليمي الفرعي الذي ربط بين التكنولوجيا و القوة المالية السنغافورية و العمالة و الموارد في أرخبيل ريو باندونيسيا
لقد اعترف ميثاق منظمة الأمم المتحدة بفكرة الإقليمية و نظر الى المنظمات التي تحمل هذه السمة باعتبارها إحدى و سائل تحقيق الأمن و السلم الدوليين ، و لذا أخذت فكرة الإقليمية في التبلور في شكل العديد من المنظمات الإقليمية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية و قيام الأمم المتحدة عام 1945 ، و مثال ذلك منظمة الدول الأمريكية و جامعة الدول العربية و الاتحاد الأوربي و غيرها ، الأمر الذي يعود الى العديد من الأسباب ابرزها
1 -ان الدولة لم تعد بشكل عام قادرة بمفردها على الوفاء باحتياجات شعبها خاصة فيما يتعلق بمجالات الأمن
. 2 -و جود تكتلات و تجمعات معينة فرض على الدول الأخرى ضرورة مواجهتها بذات المستوى الجماعي ، فالتكتل يخلق التكتلات المضادة
 . 3 -تعاظم درجة الاعتماد الدولي المتبادل لتعزيز القوة التفاوضية موعة من الدول في مواجهة مجموعة او مجموعات دولية أخرى.
وفي هذا الإطار ، برزت عدة تعريفات لمفهوم الإقليمية ارتبطت بتعدد المعايير المحددة له ، فهناك اتجاه يربط الإقليمية بالمنظمة الإقليمية ، اي انه لا يفرق بينهما ، حيث يرى أصحاب هذا الاتجاه أما مرادفان لنفس الشيء ، و يستندون في ذلك الى تعريف خاص للإقليمية مفاده انه بجوار المنظمات الدولية العالمية يمكن إنشاء منظمات دولية إقليمية تضم في عضويتها الدول التي ترتبط فيما بينها بروابط تاريخية و جغرافية و حضارية أكثر من غيرها و دف الى العمل على حل ما قد ينشا بينها من منازعات بالطرق السلمية و بالتالي تدعيم الأمن و السلم الدوليين على حد سواء
و هناك اتجاه أخر يعرف الإقليمية على أساس أا مجموعة من العلاقات التي تنشا بإرادة الدول بغض النظر على عنصر التجاور ، فيحكمها التعاون و التضامن المشترك المتوقف على المنظمة التي تشملها رغبة الدول ، و يعتبر عنصر الإرادة أساسي لإنشاء التنظيم إقليميا )1 ، )على ان تكون أهدافها و مبادئها متفقة مع مضمون ميثاق الأمم المتحدة
و يركز الاتجاه ثالث في تعريفه للإقليمية على المعيار السياسي ، حيث يرى أصحاب هذا الاتجاه ان الانتماء السياسي و الإيديولوجي هي إحدى العناصر المهمة في تحديد مفهوم الإقليمية ، ذلك ان الغاية من التجمعات الإقليمية هو تحقيق أهداف معينة سياسية او اقتصادية او عسكرية ، و بالتالي فتح اال للأحلاف العسكرية القائمة على الأساس الإيديولوجي بغض النظر عن التجاو ر الجغرافي أم لا
ما الإقليمية الجغرافية فهي تعني التجاور الإقليمي في رقعة جغرافية واحدة كتجاور لبنان و سوريا و مصر و السودان و هو ما تعبر عنه بوضوح منظمة الدول الأمريكية و منظمة الوحدة الإفريقية، في حين تتحدد الإقليمية الحضارية بحدود توافر روابط ذات طابع حضاري من شاا ان تقوي اي رابط سياسي بين الدول و تعمق ذاتيته ، فعلى سبيل المثال كان إنشاء جامعة الدول العربية نموذجا لتوافر مثل هذه الروابط كوحدة اللغة و الثقافة و التاريخ و الدين.
(1 :(الحاج المبطوش ، الأمن الوطني القومي و نظام الأمن الجماعي ، مذكرة ماجستير ، قسم الحقوق ، كلية الحقوق ، جامعة البليدة ، 2005 ،ص .62

المطلب الثاني: تعريف المنظمات الدولية الإقليمية

لم تضع المواثيق الدولية المنشئة للمنظمات الدولية لا سيما ميثاق منظمة الأمم المتحدة تعريفا محددا للمنظمات الإقليمية ، أما على مستوى الفقه الدولي فقد برز خلاف بين اتجاهين : الأول يرى عدم وضع تعريف للمنظمات الدولية الإقليمية بحيث يظل مفهومها يشمل كافة التجمعات و التكتلات و الاتفاقات الدولية ، أما الثاني وهو الاتجاه الغالب فيرى ضرورة وضع تعريف محدد لتحديد مثلا ما إذاكان المعيار الجغرافي شرطا أساسيا لقيام المنظمة الإقليمية ، أم يكفي فقط توفر معيار التقارب السياسي و الإيديولوجي ، و معيار المصالح المشتركة
ثمة تعريف يركز على موضوع السيادة للدول الأعضاء في المنظمة الإقليمية من خلال تعريفه لها بأا كل شخص قانوني دولي ينشئ عن طريق اتفاقية دولية جماعية ، أطرافها دول تجمع بينها مقومات التضامن الاجتماعي أو الجوار الجغرافي بغية تحقيق أهداف مشتركة للدول الأعضاء فيه، والتي لا تنتقص سيادا بالرغم من انضمامها إلى هذا التجمع الذي يتمتع بإرادة ذاتية مستقلة يتم التعبير عنها من خلال أجهزة دائمة تمكنها الاضطلاع بالمهام المنوط ا ، ويحدد أصحاب هذا الاتجاه العناصر التي ينبغي توفرها في أي منظمة إقليمية في التالي
 : 1 -ارتكاز المنظمة الإقليمية إلى معاهدة جماعية ، أطرافها الدول
 . 2-توافر مقوما التضامن الاجتماعي و الجوار الجغرافي بين تلك الدول
. 3 -تمتع المنظمة الإقليمية بصفة الاستمرارية
4 -تمتع المنظمة الإقليمية بالشخصية القانونية الدولية )1
.) ويرى الأستاذ: علي صادق أبو هيف ان تعريف المنظمات الإقليمية هي :" نوع من الاتحاد او التعاهد دال ولي يمس في شيء حرية و استقلال الدول الداخلة فيها، و تتخذ منه الدول أداة لتوثيق علاقاا و تنسيق التعاون بينها في مختلف نواحي نشاطها الحيوي ، كما تستند إليها للدفاع عن مصالحها و عن كياا السياسي و الإقليمي ضد كل عدوان أجنبي." )2)
وفي الحقيقة يأخذ على هذا التعريف إشارته الى ان الانضمام الى المنظمة الإقليمية فيه مس بشيء من حريتها – اي الدولة التي تختار الانضمام- وهذا كلام محل نظر ، ذلك ان انضمام الدولة الى المنظمة الإقليمية يكون بمحض إرادا و ليس فيه اي إكراه عليها ، وبالتالي إذا الدول قد اختارت الانضمام و قبلت بشروطه لا يكون التنظيم الإقليمي قد مس بحريتها.
و جدير بالذكر أن هناك اتجاهات أخرى تأخذ في الحسبان أهمية توافق أهداف المنظمة الإقليمية مع أهداف الأمم المتحدة، و أن يكون من بين أهدافها العمل على حفظ الأمن و السلم الدوليين إلى غير ذلك من العناصر التي تحدد الصفة الإقليمية للمنظمة )1 ، )و التي تعكس بدورها نتيجة أساسية مفادها أن ظروف نشأة المنظمات الإقليمية لعبت دورا كبيرا في تعدد الآراء المحددة لصفة الإقليمية، و الشروط الواجب توافرها لاكتساب هذه الصفة ..

المطلب الثالث : أنواع المنظمات الإقليمية

يستند التقسيم الغالب للمنظمات الإقليمية إلى طبيعة الدور الذي تقوم به المنظمة. فمن الضروري الأخذ في الاعتبار تعدد الأدوار و الأهداف التي تقوم على أساسها المنظمة ،بشكل يصعب معه في بعض الأحيان تصنيفها نتيجة لتداخل الأدوار ، و لكن يظل للهدف الرئيسي المعلن لقيام المنظمة اليد الطولى في التصنيف، و هو ما يتضح في التال


·         المنظمات السياسية العامة :
و يستند دورها إلى تفعيل العمل الجماعي من خلال الإطار المؤسسي الإقليمي و تقديم الدعم للعمل المشترك في المحيط الدولي ، إلى جانب حل النزاعات و الخلافات بين أعضائها الذين ينتمون إلى منطقة جغرافية حضارية واحدة مثل منظمة الوح ة د الإفريقية ، و مثل جامعة الدول العربية التي تستند إلى ركيزة العامل القومي.
2 -المنظمات ذات الاتجاه الأمني و العسكري:
و يتركز دورها على مبدأ الأمن الجماعي ، حيث يكون هدفها توفير الحماية لأعضائها كدول و كمجموعة ، و يشترط في هذه المنظمات تماثل الاتجاهات السياسية مثل منظمة حلف شمال الأطلنطي
. -3 المنظمات الوظيفية
: و دف إلى التركيز على احد محاور التعاون مثل البعد الاقتصادي، و يشترط في أعضائها أن تنتهج نفس السياسات الاقتصادية، مثل الجماعة الأوربية في مرحلة ما قبل الاتحاد.

المبحث الثاني: خصائص المنظمات الإقليمية

تتمتع المنظمات الإقليمية بمجموعة من الخصائص شاا في ذلك شان كل المنظمات الدولية ، و لإلقاء الضوء على هذه الخصائص قسمنا هذا المبحث الى ثلاثة مطالب ، تناولنا في الاول العضوية و الترابط بين الدول و تطرقنا في الثاني للاتفاق المنشئ و التصويت و خلصنا في الثالث الى الاختصاص.

المطلب الاول :العضوية و الترابط بين الدول

تكون العضوية في المنظمة الإقليمية محدودة ، حيث لا يفتح اال لجميع الدول للانضمام لأا لا ترق للعالمية ، فلا تسمح بقبول نظير لها في علاقاا مع سائر أعضاء اتمع الدولي خارج النطاق الإقليمي التي تنتسب إليه .)1)
(1 (: صلاح الدين عامر ،مقدمة لدراسة القانون الدولي ،( بدون طبعة ) ، دار النهضة العربية ،القاهرة ، 2008،ص202.
الترابط بين الدول يعني ان يرتبط أعضاء المنظمة الإقليمية فيما بينهم من خلال معيار محدد كالتقارب الجغرافي او الاديولوجي او السياسي او الديني او الحضاري او العسكري.

المطلب الثاني : الاتفاق المنشئ و التصويت

الاتفاق المنشئ يعني ان نشأة المنظمات الإقليمية يكون عن طريق إبرام اتفاقية دولية تؤدي الى ميلادها ، و هي تمثل ميثاقها و يتم ذلك بنفس مراحل إبرام المعاهدات الدولية ، و تخضع لنفس إجراءاا داخليا بالمصادقة عليها و بتسجيلها دوليا ، و هذا ما يميزها عن الأجهزة الفرعية للأمم المتحدة
على الرغم من ان نظام التصويت بالإجماع قد زال بالنسبة للمنظمات العالمية فان الملاحظ هو اشتراط الإجماعكطريقة للتصويت على الأعمال القانونية لا زال أساسي في بعض المنظمات الإقليمية ، كما ان سلط ا ا في ذلك ضعيفة ، الا ان إعطاء بعض الدول سلطات واسعة و قوية الى منظمة إقليمية يعني تفضيلها على المنظمة العالمية )1.)
(1 (: جمال عبد الناصر مانع، التنظيم الدولي ، النظرية العامة و المنظمات العامة و الإقليمية و المتخصصة ، ( بدون طباعة ) ، دار العلوم النشر و التوزيع ، عنابة ، الجزائر ، 2006، ص238.
المطلب الثالث : الاختصاص ان ممارسة هذه المنظمات الإقليمية لصلاحياا محدود و يغلب عليه الطابع ألتنسيقي ، غير ان هذا لا يمنع من تمتع بعضها باختصاصات مباشرة كإعطاء دول الجماعة الأوربية سلطة إصدار قرارات ملزمة التطبيق على أراضيها )2 ، )و هذا ما يسمح بإعطاء هامش حرية اكبر للمنظمة الإقليمية من اجل الاضطلاع بمهامها على أكمل وجه من جهة كما له الأثر الكبير في جعل قر اراا ملزمة لجميع الأعضاء في المنظمة الإقليمية ، و هذا ما نفقده بشكل كبير في جامعة الدول العربية الأمر الذي اثر سلبا على أدائها بشكل ملحوظ، خاصة في جانب تسوية النزاعات القائمة بين الدول العربية ، خاصة إذا علمنا ان جل قرارات الجامعة لم تلتزم ا الأطراف المتنازعة
(2 (: بن عامر تونسي ، قانون المجتمع الدولي ، الطبعة السابعة ،ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر ، 2000 ،ص199.

المبحث الثالث: العلاقة و الفرق بين المنظمة الإقليمية و منظمة الأمم المتحدة

لقد نص الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة على القواعد الخاصة بأحكام التعاون بين المنظمات الإقليمية و منظمة الأمم المتحدة تجسد العلاقة بين المنظمة الإقليمية ومنظمة الأمم المتحدة ، كما أن هناك فروقا جوهرية بين المنظمة الإقليمية و المنظمة العالمية ( منظمة الأمم المتحدة مثالا) يجب الوقوف عليها
 لدراسة هذا المبحث ارتأينا تقسيمه إلى مطلبين بحيث نتطرق في الأول إلى العلاقة الموجودة بين المنظمة الإقليمية ومنظمة الأمم المتحدة ، و خصصنا الثاني لأهم الفروق الموجودة بين المنظمة الإقليمية و المنظمة العالمية.

المطلب الأول : العلاقة بين المنظمة الإقليمية ومنظمة الأمم المتحدة

امت المنظمات الإقليمية دف دعم العلاقات المختلفة بين الدول على المستوى الإقليمي و لخدمة قضايا السلم و الأمن الدوليين بصفة عامة ، لذلك تضمن ميثاق الأمم المتحدة الأساس القانوني الذي يربطها مع المنظمات الإقليمية ، حيث جاء في نص المادة الثانية و الخمسين في فقرا الأولى مايلي : " ليس في هذا الميثاق ما يحول دون قيام تنظيمات او وكالات إقليمية تعالج من الأمور المتعلقة بحفظ السلم و الأمن الدولي ما يكون العمل الإقليمي صالحا فيها و مناسبا ما دامت هذه التنظيمات او الوكالات الإقليمية و نشاطها متلائمة مع مقاصد الأمم المتحدة و مبادئها "" ، و يتضح من هذا ان الأمم المتحدة قد ربطت علاقتها بالمنظمات الإقليمية من خلال ضرورة توافق الأهداف بحيث تكون أهداف المنظمة الإقليمية متلائمة مع مقاصد الأمم المتحدة و مبادئها و الغرض من ذلك هو احترام منظمة الأمم المتحدة باعتبارها المنظمة المخولة أساسا بحفظ السلم و الأمن الدوليين.
كما تتجلى العلاقة بين المنظمة الإقليمية و منظمة الأمم المتحدة من خلال أيضا التنسيق في اتخاذ المواقف المشتركة، مما يجعل القدرة على حل المشاكل الدولية اكبر بتضافر الجهود و تعزيز المواقف ، و مثال ذلك موقف الأمم المتحدة و منظمة الوحدة الإفريقية – الاتحاد الإفريقي حاليالحل النزاع في الصحراء الغربية، إضافة الى ذلك تبادل الممثلين و الوفود لحضور دورات الأجهزة الرئيسية على غرار العلاقات غير الرسمية بين المنظمات الإقليمية و الجمعية العامة و باقي أجهزة الأمم المتحدة.
يمكن إجمال عناصر العلاقة بين المنظمة الإقليمية و منظمة الأمم المتحدة على ضوء ما جاء في القواعد الخاصة بالتعاون بين المنظمات و التي أشار إليها الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة في الأتي :
1 -ينبغي على الدول الأعضاء في المنظمات الإقليمية القيام بالإجراءات الضرورية لتدابير الحل السلمي للخلافات المحلية عن طريق المنظمة الإقليمية قبل عرضها على مجلس الأمن .( )1
(1 (: انظر المادة (52 (الفقرة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة.
2 -يمكن لس الأمن الاستعانة بالمنظمة الإقليمية في أعمال القمع كلما رأى ذلك مناسبا، ويكون عمل المنظمة تحت رقابة و إشراف مجلس الأمن، و لا يجوز لها القيام بذلك من تلقاء نفسها إلا في حالة الدفاع الشرعي أو بعد الحصول على إذن منه 1.
3 -للمجلس الاقتصادي و الاجتماعي علاقات غير رسمية مع المنظمات الإقليمية، تتمثل في دعوة الس و الجمعية العامة للمنظمات الإقليمية، لإرسال مراقبين عنها لحضور اجتماعاا و تبادل الممثلين، و الاستشارات و المعلومات معها.
(1 (: انظر المادة (53 (الفقرة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة.

المطلب الثاني: الفرق بين المنظمة الإقليمية و المنظمة العالمية

أول مظاهر التفرقة و أكثرها تحديدا للصفة الإقليمية عن العالمية يرتبط بنطاق العضوية . فالمنظمة العالمية هي التي يمكن أن تشترك في عضويتها أية دولة من دول العالم بصرف النظر موقعها الجغرافي أو مذهبها السياسي أو الحضاري أو غيرها . أما المنظمات الإقليمية فهي التي تقتصر فيها العضوية على عدد من الدول بعينها بحيث لا يمكن اشتراك الدول الأخرى في عضويتها
ما ثاني مظهر من مظاهر التفرقة فقد حددته المواثيق و المعاهدات الدولية، فعلى سبيل المثال نص ميثاق عصبة الأمم في المادة (21 (على شرعية قيام الاتفاقات الدولية ( و إن لم تحدد معنى هذا الاتفاق أو عناصره ). كما نجد أن ميثاق الأمم المتحدة تناول العلاقة بينها و بين المنظمات الإقليمية، عبر التأكيد على ضرورة توافق أهداف المنظمة الإقليمية مع مبادئ الأمم المتحدة، و أن تستند العلاقة لعدد من الأحكام.
كما تضمنت المادة (51 (إمكانية تأسيس منظمات إقليمية عسكرية ذات طابع دفاعي، كون هذه المنظمات تمثل إحدى و سائل تسوية المنازعات الدولية سلميا كما توضحها المادة (33 (من الميثاق.
إن دور المنظمات الإقليمية هو دور بديل أي أن الدول الأعضاء في منظمة إقليمية حين تدرك أن الأمم المتحدة لن توصلها إلى النتائج التي ترغب فيها ، فهي تسعى للحصول على مبرر شرعي يتيح لها العمل خارج نطاق الأمم المتحدة و إشرافها ، و يتم ذلك عبر احد احتمالين:
1 -حين يكون العمل الإقليمي تحت إشراف الأمم المتحدة ولكن المنظمة الإقليمية تعمل جاهدة على تقديم الحلول التي تتفق مع رغباا أو رغبة إحدى الدول المسيطرة فيها.
2 -أن يكون المبرر للعمل الإقليمي قضايا الأمن و الدفاع لا سيما حين يكون هناك مساس بالمصالح الأمنية لإحدى الدول الكبرى في المنظمة الإقليمية و لا تريد عرضه على الأمم المتحدة حتى لا يتعرض هذا العمل للاعتراض عليه داخل مجلس الأمنكالحصار الذي فرضته الولايات المتحدة الأمريكية على كوبا.

التعليقات

  1. اريد بحث حول جامعة الدول العربية

    ردحذف
  2. شكرا على المعلومات القيمة تريد بعض البحث الخاصة بالتعليم المتوسط
    ما هو علم الفراسة

    ردحذف