الشيخوخة
تمهيد:
تعد الشيخوخة المحطة الأخيرة في رحلة الإنسان الإرتقائية
والنمو، ولهذا فالبعض يراها الإشراف على النهاية، والبعض الأخر يرى فيها تبلور
الحكمة وعنق التجزئة والتمرس والحنكة بالحياة، والبعض الأخر يدركها من الجانب
السلبي بصفتها مرحلة التأكل والانحلال العضوي والحسي، فتغيرت محكات تحديد سن الشيخوخة وفق للظروف الصحية،
والنفسية والحضارية بالرغم من كونها حقيقة وواقع يجب الاعتراف به.
تعريف الشيخوخة :
قسم العلماء العمر في الحياة الإنسان إلى أربع مراحل وهي
الطفولة الشباب، الكهولة ثم الشيخزخة، وكانت العرب تطلق على من وصل إلى مرحلة
الشيخوخة أسماء عدة فتقول (شيخ) وهو من استبانت فيه السن وظهر عليه الشيب، وبعضهم
يطلقها على من جاوز الخمسين، وتقول (الهرم) وهو أقصى الكبر وتقول كذلك (كهل) وجميع
هذه الألفاظ تدل على كبر السن.(عبد الله بن ناصر السرحان، 2008، ص 20-21-22)
ويستخدم الباحثون في مجال دراسة المسنين أحيانا مفهوم
الشيخوخة وأحيانا مفهوم التقدم في العمر على أنها مترانحان ويشيران إلى نفس المعنى
فتحددت المقاييس المستخدمة في تحديد مرحلة لشيخوخة.
-
العمر البيولوجي: يعني بالشيخوخة العضوية كمقياس وصفي
يقوم على أساس المعطيات البيولوجية لكل
مرحلة مثل معدل الأيض، معدل النشاط الفرد الصماء .....إلخ.
- العمر
السيكولوجي: ويستخدم هذا المقياس في تحديد الشيخوخة النفسية كمقياس وصف لجملة
الخصائص النفسية والتغيرات السلوكية للفرد من مشاعر وأفكار....إلخ.
- العمر الزمني:
فقد حدد "برومولي" العمر الزمني بأربعة مراحل :
· المرحلة
الأولى: تشمل هذه لمرلة فترة ما قبل
التقاعد وتمتد من سن (55-60) سنة.
· المرحلة
الثانية: تبدأ حوالي سن 65 سنة إذ ينفصل فيها الفرد عن الأدوار المهنية فتظهر عليه
تغيرات في مختلف النواحي البيولوجية، والعقلية والإجتماعية والنفسية.
· المرحلة
الثالثة: تمتد من 70 سنة فأكثر ، تتميز بالاعتمادية والضعف العقلي والجسدي.
·
المرحلة الرابعة: الفترة الأخيرة فتصل إلى 110 سنوات
تتميز بالمرض والعمر الكلي والوفاة.(Bronley ;1966 ;21-22)
فلم تلي هناك اتفاق
على تعريف جامع للشيخوخة لأنها ليست من الظواهر الثابتة لدى الفرد كونها
تتأثر بعوامل عدة، فكلمة الشيخوخة Gerontology ذات أصل قديم فقد استخدم اليونان
كلمتي Geron،
و Geronto
الإشارة إلى الرجل العجوز .
تعريف "بيرن ورينر" تشير الشيخوخة إلى التغيرات
المنتظمة إلى تحدث في الكائنات العضوية الناضجة وراثيا والتي تعيش في ظل لظروف
البيئية الممثلة وذلك مع تقدمهم ف العمر الزمني.
كما يعرفها: "ب.ب ميداوار" هي التغير الذي
يعتري القدرة الجسدية والأحاسيس والطاقات التي تلزم الفرد في شيخوخته بحيث تؤدي به
تدريجيا إلى الموت بأسباب عرضية أو أحداث اعتباطية وبتحديد أكثر فإن كلمة عرضية
كلمة فها غزارة وأسهاب، إذ أن الموت بكل أنواعه ليس في حقيقته إلا شيئا عرضيا إلى
درجة ما، فليس هناك موت طبيعي ولا أحد يموت من مجرد عبئ السنين." (يحيى مرسي
، 2008، ص 27-28)
أما عن "تكين" فيعرف الشيخوخة بأنها حالة من
الإضمحلال تعتري إمكانات التوافق النفسي
والاجتماعي للفرد فتقلل قدراته على الاستغلال إمكاناته الجسمية والعقلية
والنفسية في مواجهة ضغط الحياة لدرجة لا يمكن معها الوفاء لكامل بالمطالب البيئية
أو تحقيق قدر مناسب من الإشباع لحاجاته المختلفة. (عبد الرؤوف البربري-ب –ت.ص
30-31)
كما تعرف لشيخوخة على أنها عملية تتضمن التفاعل المستمر
للعديد من المتغيرات الفيزيقية والاجتماعية والفكرية والوجدانية " وأنها
عملية تستوجب من الأفراد وتأمل سلسلة من المراحل الانتقالية خلال تقدمه في الحياة
أو مسار حياته حسبما يذكر " بروملي" وعبور احدى هذه المراحل الخاصة
بعملية النمو معناه الانتقال إلى مرحلة جديدة من مراحل الحياة ولنتيجة الرئيسية
لذلك هو أن كبار السن يتضمن تقدم باستمرار الى شيء جديد.
فهي تعتبر عملية مستمرة ويترتب على ذلك على أنها تشير
إلى الحلول الملائمة من خلال تقديمها خدمات الرعاية الصحية المتواصلة ، ونجد أن
مشكلات المسنين تمثل نتيجة للمعوقات التي تعيق أهداف الحياة وإزالة هذه المعوقات
يسمح بوجود عملية طبيعية للشيخوخة حتى تسير
في مجراها الطبيعي والحلول تعتبر ملائمة فقط طالما أنها ترتبط بإستعادة هذه
العملية (يحيى مرسي عبد بدر، 2008، 27)
تعرف Janine جانين (2002)، الشيخوخة بأنها تقدم في السن مما يحدث
فيها تراجع للوظائف الجسمية والفكرية والثقافية والاخلاقية، والمتمثلة في فقدان
المكانة الاجتماعية والسلطة، (Janine ,ch,2002np127)
ويؤكد (Martina Samora) (2007) أن الشيخوخة عبارة عن
تدهور وظائف معينة، فقدان تدريجي هذه الوظائف مثل فقدان القوة، المهارة، المرونة،
والرؤية، والسمع ، وفقدان القدرة على التذكر وضعف الذاكرة، والذكاء ، وعدم الراحة
والألم والعجز
(Martine Samora,2007np2)
ويعرف "Sharon Galloway" شارون قالوواي (2008)
الشيخوخة بأنها تناقض تدريجي للأجهزة الداخلية وقدراتها الوظيفية، وهي مرحلة أو
تجربة لا مفر من يعيشها الجميع(Sharon Gallowayn2008,p36)
نجد أن هناك نوعان من الشيخزخة هما :
-
الشيخوخة الفيزيولوجية : تتميز من حيث المبدأ يتزامن
التبادلات الحاصلة في جميع أعضاء الجسم أو الأجهزة جسم المسن.
-
الشيخوخة الباثولوجية : تتسم بغياب مثل التزامن وهي عكس
الشيخوخة الفزيولوجية، وهي تنتج عن التشنج (الهرم) المبكر لمختلف أعضاء و أجهزة
الجسم بسبب إصابة المسن بمرض ما (حسان جعفر، 2003، ص12-13)
كبار السن :
الكبار في السن هم الأشخاص ذكورا أو إناثا الذين تجاوزوا
مراحل النمو والتطور والبناء والنضج في قوامهم البدنية والفزيولوجية ووصلوا إلى
مراحل التوقف والإستقرار وبدايات الضعف والفقدان والانحدار في بعض وظائف تلك الأعضاء والأجهزة والتراكيب
والمكونات (علي جاسم ، 2009، 35)
التغيرات الخاصة بالشيخوخة :
التغيرات البيولوجية والفزيولوجية : تمثل الشيخوخة ظاهرة
بيولوجية طبيعية ناتجة عن تأثيرات مرور الزمن والتقدم في العمر على جسم الإنسان،
فالشيخوخة هي نتيجة مباشرة للتراكم التدريجي للخلايا المتعبة على مرور لسنين (حسان
جعفر ، 2003، 07)
كما أنها عبارة عن نمط شائع من الاضمحلال الجسمي في
البناء والوظيفة يحدث بتقدم السن كل كائن حي بعد اكتمال لنضج، وهذه التغيرات
الاضمحلالية المسايرة لتقدم السن تعتري كل الأجهزة الفزيولوجية والعضوية والحركية
والدورية والهضمية والبولية ولتناسلية والغدية والعصبية والفكرية ( هدى محمد قناوي
، 1987، 17)
ويتركز تعرف الشيخوخة من الناحية البيولوجية على جانبين
أساسين هما :
الأول يتعلق بالبناء : ويشير إلى زيادة التفاعلات
الاجتماعية الهدامة بالجسم عن التفاعلات الكيماوية البناءة مما يترتب عليه نقص
مستمر في مقدرة الجسم على مقاومة المؤثرات الخارجية.
الثاني يتعلق بالوظيفة : حيث يؤدي هذا النقص المستمر في
مقدرة الجسم على مقاومة المؤثرات الخارجية إلى نقص المقدرة الوظيفية لهذه الأعضاء
وفيما يلي عرض التغيرات البدنية التي تحدث في كل الأجهزة العامة للجسم.
1.
الجهاز الحسي:
ربما تكون التغيرات في الأعضاء الحسية أكثر خطوة لدى
كبار السن فمن خلال الأحاسيس تستلم المعلومات وتقدم الاستجابات التي تحكم
تفاعالاتنا مع الأخيرين ومع البيئة، فالنقصان في إحدى الحواس يؤثر في نوعية هذه
التفاعلات.
أ.
الصدر :
إن التغيرات في الصدر تكون بصورة أولية على أشكال من
الضعف في حقة الرؤيا وإدراك الضوء وتعديل الصورة أي التركيز بدرجة شديدة قرب
الصورة وهذه التغيرات تاتأثر بالتيدلات في تركيب العين وفقدان المرونة في عضلاتها،
وفقدان العضلات الأخرى لمطاليتها ومرونتها حول العين والفقدان في الشحوم حول كرة
العين عن هذه التغيرات سقوط في جفن العين مما يؤثر في مظهر الوجه.( علي جاسم عكلة
، 2009 ، ص 154-155)
ب- السمع :
لا شك أن فقدان الشخص للقدرة التي يعتمد عليها في
التعايش مع الآخرين إضافة إلى ما قد يصاحب
الإضافة السمعية الناتجة من اعتلال عام في الصحة، والاستجابات التالية
للمتغيرات المصاحبة أو المرتبطة بفقد السمع الناتج عن التقدم في العمر ربما يصبح
التعامل معها ودراستها استنادا إلى ما يعرف بنظريات رد الفعل للأزمة الصادمة.
(محمد السعيد أبو حلاوة ، 2003، ص 6)
ج- التذوق والشم:
تحكم أحاسيس التذوق والشم بواسطة براعم تذوقية على
اللسان وفي الفم وبواسطة خلايا متسلمات شمية موجودة داخل الأنف من الأعلى ولا يوجد
دليل يظهر مميزا لهذه الأحاسيس مرتبطا بالعمر ، فمعظم التغيرات في التذوق والشم
يكون للناس أساس فيها، كسلوك التدخين مثلا.
يكون السبب في ضعف هذه الأحاسيس.
د- اللمس: إن الإحساس اللمسي (الألم، الضغط ، الحرارة ،
البرودة ، والعلاقات المكانية ، تكون جزء من الجلد وكذلك من الجهاز العضوي الداخلي
من الجسم وبينما يكبر الجسم فإن ضعف في الحساسية للحرارة والبرودة .ولهذا فإن
الجرارة البيئية لابد أن تكون ملائمة ومريحة لحرارة لجسم عند كبار السن.(علي جاسم
عكلة ، 2009، 158)
ه-الجهاز العصبي :
يتدهور الجهاز العصبي المركزي بصورة سريعة عند كبار السن
وإذا أثرت هذه التغيرت على الدماغ تأثيرا تدريجيا فإن هذه الحالة تسمى بالخلال أو التدهور الشيخوخة ،
أما إذا حدثت هذه التغيرات بصورة فجائية وكانت نوعية أو محلية فإننا تكون أمام
حالة تصلب شرايين القشرة الدماغية وانسدادها
وعلى ذلك يمكن تصنيف زملة الأعراض الدماغية في الشيخوخة إلى فئتين:
أ-
إضطرابات ما قبل الشيخوخة: يتناول الأشخاص من سن
40---60 كمرض الزهايمر.
ب-
إضطرابات الشيخوخة: مثل مرض "بيك" أين نجد
المريض يعاني من النسيان وعدم القدرة عن التفكير ويعاني من العجز في الكلام يفتقر
إلى الوعي أو الفهم حالته ويبدأ هذا الاضطراب بإجاد صعوبته في التركيز ويبدو
المريض شارد الذهن وكثيرا السرحان وعدم لراحة، كما يميل المريض إلى لوم الآخرين.
وتحدث الموت بعد 04-07 سنوات.( عبد الرحمن العيسوي، 1989، 67-68)
· خصائص والتغيرات السيكولوجية:
لا تتحصل
التغيرات النفسية للشيخوخة عن التغيرات الاجتماعية بل هي علاقة وثيقة وترتبط ببعضها البعض، فتراجع القدرات الجسمية والعقلية
يؤثر على عملية التوافق الشخصي والاجتماعي.
وهذا ما
يؤكده تعريف الباحثين من الناحية السيكولوجية بأنها: " حالة من الاضمحلال
يعتري إمكانات التوافق النفسي والاجتماعي للفرد فتقل قدرته على استغلال إمكاناته
الجسمية والعقلية والنفسية في مواجهة ضغط الحياة لدرجة لا يمكن معها الوفاء الكامل
بالمطالب البيئية أو تحقيق قدر ممكن من الاشباع
لحاجاته المختلفة (هدى قناوي، 1987، 51)
وتتمثل
التغيرات السيكولوجية لدى المسن في ظهور مشكلات الصحة النفسية والتي تمثل أهمها في
: الاعتمادية، العدوانية ، ضعف الثقة بالنفس والحساسية الزائدة بالذات والمعاناة
من نوبات البكاء أحيانا، كما تتميز انفعالاتهم
بانها ذاتية المركز وبالخمول وبلادة الحس وبضعف القدرة على التحكم فيها كما
يتميزون بالعناد وصلابة الرأي ويغلب عليهم التعصب وتوخي الحرص والحذر.(جولتان
حجازي، عطاف أبو غالي، 2009، 116)
1. تغير الشخصية والحالة النفسية للفرد مع تقدم العمر :
فالفرد في
ضوء نظرية "أريكسون " يمر بثماني مراحل كل منها تطورا جديدا في شخصية
الفرد وعلاقته بالآخرين وآخر هذه المراحل هي مرحلة التكامل في مقابل اليأس وهي
أزمات لشيخوخة واحساس الفرد أن هويته قد تحددت ، فإذا كان ما فعله يبعث على
السعادة والإحساس بالانجاز فإنه سوف يتجاوز هذه المرحلة نجاح وهو يشعر بالتكامل
والرضا أما إذا كانت نظرته تستم بالاحباط وخيبة الأمل فسوف يشعر باليأس وترى ''
أريكسون '' ضرورة أن يتقبل المسنون حتمية كبر السن والتغيرات المصاحبة له وأن
يواجهوا هذه الظروف دون يأس.
2. القدرات العقلية :
إن ما
نلاحظه من ضعف في مرحلة الشيخوخة أو خطأ في التفكير إنما مرده إلى ما قد يحدث من
عطب في التفكير نتيجة ضمور خلايا المخ أو سبب حدوث مرض به أو إصابته بحادث أو قد
يرجع عطب التفكير إلى عدم تغذية المخ بالخبرات المعرفية الجديدة، مما يؤدي إلى
تغير في النشاط العقلي لدى المسنين في القدرات العقلية كالادراك، والتفكير ،
التذكر والتخيل والتغير في القدرة والذكاء والأداء النفسي الحركي وغير ذلك مع تقدم
العمر.
القدرة
العقلية مثل القدرة الجسمية تبلغ ذروتها بين سن العشرين والثلاثين ثم تأخذ في
التناقص بعد سن الأربعين وعند سن الستين يقل الفرد نسبة 25%.
3- تغير الإهتمامات والحاجات :
ونعني بها
وجود رغبة أو ميل نشاط ما يحقق إرضاء أو اشباع لدى الفرد فهي ميول نحو أشياء يشعر
الفرد نحوها بجاذبية خاصة .
ولقد أشار
"هير لوك" إلى أن إهتمامات المسنين تشمل الجوانب التالية:
أ- الإهتمامات
الشخصية: أهمها ما يتعلق بالذات والجسم والمظهر والشكل العام ويصبح المسن متمركز حول
ذاته عن ذي قبل أكثر إهتماما بنفسه وأقل إهتماما بالآخرين.
ب-
الاهتمامات الترفيهية: وتشمل القراءة ومساهدة التلفزيون
والرحلات وزيارة الأصدقاء.
ت-
الإهتمامات الإجتماعية: حيث يعاني المسن الشعور بالفراغ
والعزلة الوحدة النفسية وتناقص الأدوار الاجتماعية.
ث- الإهتمامات الدينية:
حيث يصبح افرد أكثر تسامحا وأقل تعصبا
الجوانب الدينية وكذلك تتسم مرحلة الشيخوخة بأن المسنين يكونون أكثر ترددا على دور
العبادة.(نعيم مطر، 2008، 43-44)
نظريات دراسة الشيخوخة:
نظرية الانسحاب :
تقوم هذه
النظرية على افتراض أساسه أن الأفراد حين يصلون سن الشيخوخة فهم تدريجيا يبدأون في
تقليص الأنشطة التي اكتسبوها حين كانوا في منتصف العمر، كنج التي تعتبر مؤسسة هذه
النظرية.
كما يرى
كل من "كمبج وهنري (1961)" أن وصول الأفراد إلى مرحلة الشيخوخة يؤدي إلى
الإنسحاب التدريجي من السياق الاجتماعي وانخفاظ مزاولة النشاطات التي اعتادوا
القيام بها بسبب تدني عملية التفاعل مع البيئة المحيطة بهم فانحسار معدلات التفاعل
لدى الكبار السن يحدث تغيرا في كم وكيف أنماط التفاعل مع الآخرين، وعلى المستوى
الشخصي نتيجة الاهتمام بالذات مقابل الاهتمام
بالاخرين سابقا (Cumming 1994).
وتقوم نظرية
الانسحاب على ثلاثة أبعاد أساسية هي:
1. أن معدل
التفاعل وأبعاده سوف يقل بتقدم الإنسان في عمره.
2. أن التغير
الكمي في التفاعل يصاحبه تغير في إدراك حجم الحياة.
3. إن التغير
الكيفي للتفاعل يصاحبه نقص في صفة الحياة الاجتماعية حيث ينتقل لمسن من الاهتمام
بالاخرين الى الاستغراق في ذاته ومن الانشغال إلى الراحة.
ولقد نفدت
هذه النظرية حين أشار البعض إلى أن النظرية الإنسحاب لا تتطبق على كل الأفراد
فالذين يعملون أعمال الاتصال بالاداب، أو الفن أو أعضاء السك الجامعي لا تتطبق
عليهم نظرية الانسحاب ولذلك عدلت من نظريتها وأشارت إلى الرضا عن الحياة قد يرتبط
إيجابيا بالأنشطة لدى بعض المسنين وبالانسحاب لدى بعض الآخر فالشخص النشط الذي
يوجه اهتمامته للعالم الخارجي سوف سكون سعيدا إذا ما استمر على ذلك خلال مرحلة
التقاعد، أما الآخرين أصحاب النظرة السلبية والذين يعتبرون البيت مركزهم الرئيسي
فإنهم سوف يرحبون بالانسحاب من المجتمع.(محمد نبيل ، ب ت ، 50-51-53)
النظرية النمطية واللانمطية:
وهي نظرة
قائمة على التعميم، مما أدى لمعاملة المسنين كأنهم فئة واحدة وتحديد سن التقاعد
بناء على ذلك سن الستين، وأما ما يعادل ذلك الملاحظ في الواقع هو عكس هذه النظرية
النمطية إذ يتباين المسنون في قدراتهم الجسمية والروحية والعقلية والوجدانية تباين
كبيرا ونلاحظ أيضا أن كثيرا من قادة السياسة، رجال الأعمال وأصحاب المهن الحرة
الناجحين، هم من المسنين الذين بلغوا سن التقاعد الرسمي الذي تعترف به الامم
المتحدة، تستند هذه النظرة الجديدة (اللانمطية ) على التأكيد على ضرورة إعتماد
مبدأ "ظروف الفردية في معاملة كبار السن في مجالات عدة، وخاصة في إدارة
لموارد البشرية.
فلا ينبغي
أن يقتصر توظيف المسنين في الزظائف المناسبة لقدراتهم الجسمية والعقلية والوجدانية
على البلدان لتي ارتفعت فيها نسبة الشيخوخة، كما هو الحال في معظم البلدان
المتقدمة صناعيا، بل ينبغي أن يكون الأمر كذلك في دول الخليج، حيث هناك حاجة ماسة
لكل الأيدي العاملة ، وخاصة المتعلمة والماهرة منها (مصطفى مولود عشوي ، 2008، 5)
نظرية النشاط والفعالية :
ركزت على
ايجاد عمل بديل يحقق الأهداف الشخصية والتوافق الذي كان يوفره العمل للمسن من جهة
ومواصلة نشاطه وتطوير اهتماماته مما ساهم في رفع معنوياته من جهة أخرى (Atchley,1976,112)
إذ قبلت
هذه النظرية بصورة واسعة وكانت ذات أهمية خاصة بالنسبة للمتخصصين بالنشاط.
النظرية السيكولوجية (الشخصية):
تهدف نظريات الشخصية إلى تفسير أنماط التكيف في السنوات
الأخيرة من الحياة على أساس السلوك طوال الحياة التي يجرى تعميمها من خلال مصطلح
الشخصية، ويرى "نيوجارتين" وهو أحد أقطاب هذا المذهب أن هذا المصطلح غير
ضروري ويرى أن التجمع هو جزء من البيئة التي يمكن التكيف معها والتأثير عليها ولكن
ليس بالضرورة التفاعل معها.
بينما يؤكد
"هنري" على أهمية مصطلح ذاتي بمعنى عمليات الشخصية المختلفة وعلى هذا
النحو فهي تمثل عمليات "للأنا" ذات التاريخ التطوري ومسار واضح خاص بها
وقوة إيجابية، يمكن أن تؤثر على رد الفعل بالنسبة للأحداث الخارجية واختيار
الاستجابة لهم. (يحي مرسي، 2008، ص197-198)
نظرية الأزمة:
يكتسب
العمل كما يؤكد "بل" (1979) أهمية بالغة في حياة الفرد داخل المجتمع إذ
يكتسب هويته من خلاله ويتيح له التفاعل مع الآخرين ويساهم في توافقه النفسي
والاجتماعي، و يمثل التقاعد أزمة فعلية من وجهة نظر بعض الباحثين وخاصة المسن الذي
يعطي العمل أهمية قصوى في حياته فهو بمثابة قيمة حقيقية بالنسبة له.
وقد قسم الباحثون إزاء هذه النظرية إلى فريقين:
الفريق الأول: يرى ممثلوه أن فقدان الفرد لعمله وتغير أدواره بعد
إحالته للتقاعد يؤثر في نظرته لنفسه وفي علاقاته مع أسرته والمجتمع الذي يعيش فيه.
الفريق الثاني: وينظر أصحابه إلى الإحالة إلى التقاعد على أنه ليس
العامل الوحيد والأهم في رضا المسن عن نفسه وعن حياته، فتأثير التقاعد يتوقف على
عدة عوامل منها المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وأهمية العمل بالنسبة للفرد والحالة
الصحية... إلخ. (عبد اللطيف خليفة، ب.ت،
ص37)
مشكلات الشيخوخة:
1-المشكلات الصعبة:
مما لا شك فيه أن أمراض المسنين تكثر عن مختلف المراحل
العمرية الأخرى للإنسان وذلك نتيجة قلة المناعة الجسمية وضعف الجسم والأنسجة وعدم
استطاعتها مقاومة الأمراض التي قد تكون موجودة في جسم الإنسان في مرحلة الشباب
ووسط العمر، و لكن إذا كانت المناعة لديه قوية تستطيع مقاومتها حيث أن المشكلات
مرتبطة بالضعف الصحي العام والضعف الجسمي وضعف الحواس كالسمع والبصر وضعف القوة
العضلية وانحناء الظهر وجفاف الجلد والإمساك وتصلب الشرايين والتعرض بدرجة أكبر
للإصابة بالمرض وعدم مقاومة الجسم. (يسري دعبس، 2002، 359)
2-مشكلات اضطراب العلاقات الاجتماعية:
قد تضعف العلاقات الاجتماعية للمسن مع أصدقائه المسنين
من أمثاله خاصة عندما يقلون من حوله ممن هم في سنه بالموت أو البعد مما يخلق لدى
المسن حالة من الأنانية ونقد الآخرين خاصة الأحفاد وصغار السن مما يخلق فارق في
التفكير والتباين في العواطف والبعد في المشاعر. (توفيق بن أحمد خوجة، 2000، ص05)
3-المشكلات النفسية والعاطفية:
لا شك أن كثير من المسنين يعانون من وحدتهم وترك الأبناء
لهم لانشغالهم بأنفسهم وعائلاتهم وأعمالهم وربما يمر بعض المسنين بفراق الزوج أو
الزوجة مما يترك فراغ عاطفي ووحدة لم يألفها من قبل مما يشعره بقرب الأجل وتخلي
الأحبة من الأنباء والبنات والأصدقاء عنهم وربما ترك بعض المسنين للخدم والخدمات
بعاداتهم الغريبة على المسنين مما يعرض المسن للانطواء والعزلة والدخول في التفكير
والوساوس والانشغال بالذات، والاضطرابات النفسية. (توفيق بن أحمد خوجة، 2000، ص05)
حيث أن الاضطرابات الوجدانية تشيع بين المسنين وتزداد
معدلات حدوثها كلما تقدم في العمر فالأمراض العصبية والذهانية من أهم أمراض
الشيخوخة في المجتمع المعاصر. (جولتان حجازي، عطاف أبو غالي، 2009، 177-118)
ومن أمثلة المشكلات النفسية:
1: مشكلة سن القعود: وهو ما يعرف عادة باسم سن
اليأس ويكون مصحوبا باضطراب نفسي أو عقلي قد يكون ملحوظا أو غير ملحوظا وقد يكون
في شكل الترهل والسمنة والإمساك والذبول والعصبية والصداع والاكتئاب النفسي
والأرق.
2: مشكلة التقاعد: وهو ما يشعر الفرد بالقلق على
المستقبل والحاضر والخوف والانهيار العصبي وخاصة إذا فرضت عليه حياته الجديدة بعد
التقاعد أسلوبا جديدا من السلوك لم يألفه من قبل ولا يجد لنفسه المرونة الكافية
لسرعة التوافق معه.
3: ذهان الشيخوخة: وفيه يصبح الشيخ أقل استجابة
وأكثر تركزا حول ذاته ويميل إلى الذكريات وتكرار حكاية الخبرات السابقة وتضعف
ذاكرته ويقل اهتمامه وميوله وتقل شهيته للطعام والنوم وأيضا تضعف طاقته وحيويته
ويشعر بقلة قيمته في الحياة، وهذا يؤدي إلى الاكتئاب والتهيج وسرعة الاستثارة
والعناد والتكوص إلى حالة الاعتماد على الغير وإهمال النظافة والملبس والمظهر
وباختصار يبدي الشيخ صورة كاريكاتيرية لشخصيته السابقة (وجدي بركات، 2009، ص8)
4: الشعور الذاتي بعدم القيمة وعدم الجدوى في الحياة:
والشعور بأن الآخرين لا يقبلونه ولا يرغبون في وجوده وما يصاحب ذلك من تصعيد وتوتر
فقد يعيش البعض وكأنهم ينتظرون النهاية المحتومة.
5: الشعور بالعزلة والوحدة النفسية: هناك حاجات انفعالية
عامة تميز كبار السن منها الحزن والأسى الناتج عن الوحدة من فقد حب الآخرين،
والشعور بالذنب الناتج عن الوحدة من الحوادث الماضية. (وجدي بركات، 2009، ص9)
4- المشكلات
الاقتصادية:
هي انخفاض دخل المسن وذلك نتيجة إحالته إلى التقاعد عند
بلوغه السن النظامية وهذا يؤدي إلى عدم تلبية العديد من الحاجات الأساسية للمسن.
(إيمان شعبان أحمد، 2009، 103)
لا يوجد تعليقات
أضف تعليق